تناول اليوم الدراسي البرلماني حول «المعادلة بين التحكّم في الأسعار وحماية المنتوج الفلاحي»، جملة من المقترحات من أجل
إيجاد الحلول اللازمة لظاهرة ارتفاع الأسعار وقلة المنتوجات الفلاحية في السوق. حلول ومقترحات في انتظار التفعيل من قبل السلطة التنفيذية ومجلس نواب الشعب سواء في شكل مشاريع قوانين أو مشاريع.
افتتح محمد الناصر رئيس مجلس نواب الشعب يوم أمس بمقر الاكاديمية البرلمانية، أشغال اليوم الدراسي البرلماني حول «المعادلة بين التحكّم في الأسعار وحماية المنتوج الفلاحي» الذي ينتظم ببادرة من لجنة الفلاحة والأمن الغذائي والتجارة والخدمات ذات الصلة، وذلك بحضور وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري سمير الطيب، وزير التجارة عمر الباهي ، ورؤساء وممثلي عديد المنظمات المهنية والوطنية وعدد من النواب،
وألقى رئيس مجلس نواب كلمة تحدث خلالها عن تذمّر المستهلك من مستوى المعيشة ومن ارتفاع المواد الغذائية بمختلف انواعها او فقدانها من السوق، مبيّنا أن هذا الوضع المحيّر هو محل اهتمام المجلس. وأضاف انه الى جانب المستهلك، فإن الفلاح وخاصة صغار الفلاحين يعانون من صعوبات بدورهم باعتبار تأثير أسعار بعض المواد لها على كلفة الانتاج. وبيّن انه تم جمع ممثّلين عن مختلف المنظمات والمستهلكين وأعضاء الحكومة المعنيين ، لكون هذا اللقاء مناسبة لوضع بعض الاقتراحات والتوصيات في إطار خطة يكون هدفها بالنسبة للحاضر كيفية التحكّم في الاسعار ومراقبتها.
مقترحات وزارة التجارة
اللقاء تطرق إلى عديد المواضيع من بينها وضعية الفلاحين التي تتأثر بالمقدرة الشرائية والمنتوج الفلاحي عموما، حيث قال وزير التجارة عمر الباهي أن التزويد المنتظم للسوق يقضي على احتكار الأسعار، وأرجع ارتفاع كلفة الإنتاج والتوزيع إلى عديد العوامل منها ارتفاع الأسعار العالمية للمواد الأولية وتراجع سعر صرف الدينار إلى جانب الزيادة في الأجور وارتفاع كافة مستلزمات الإنتاج. واعتبر أن 3 سنوات الجفاف الأخيرة التي شهدتها تونس دفعت الحكومة إلى إعطاء الأولية للماء الصالح للشراب وتقليص الماء الموجه للفلاحة لقلة الموارد المائية بالسدود ما انجر عنه نقص في المساحات المزروعة الذي أدى بدوره إلى نقص في الإنتاج.
وزارة التجارة بدورها وضعت خطة في الغرض حسب ما صرح به الوزير، الذي بين أن هدف الوزارة هو تحقيق المردودية الاقتصادية للفلاح وفق معادلة الإنتاج والسعر الفردي مع الضغط على كلفة الإنتاج، خاصة وأن الوزارة اتخذت عدة إجراءات للتحكم في الأسعار منها استعمال آليات السياسة النقدية ومتابعة تكوين المخزونات التعديلية والتنسيق الدوري مع وزارات الفلاحة والصناعة في برمجة الإنتاج وتكثيف الرقابة المشتركة. وأعلن الوزير أن تم تفعيل 948 قرار غلق مخازن وقرار عدلي بحجز مواد مهربة، إلى جانب تسخير 1670 فريقا مشتركا للمراقبة خلال سنة 2018 وتنظيم 38 ألف زيارة ورفع 4200 مخالفة أسفرت عن اتخاذ أكثر من 200 قرار غلق و784عملية حجز. وأشار إلى أن الوزارة تصدر حوالي 15 مليون لتر من الحليب رغم تراجع الإنتاج في إطار المحافظة على السوق التصديرية مقارنة بـ114 مليون لتر حليب مصدر سنة 2016، مبرزا أنه تم تجفيف 26 مليون لتر سنة 2016 و14 مليون لتر في 2017.
مشروع مرصد وطني للأسعار
من حهة أخرى، مثل اللقاء فرصة من أجل الحديث عن ظاهرة ارتفاع الأسعار من خلال تقديم بعض الأرقام ومحاولة إيجاد الحلول الضرورية، حيث أكد رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك سليم سعد الله أن سعر الخضر ارتفع بـ 35% والغلال بـ70% واللحوم بـ67% مقارنة بالسنوات الفارطة، مما أدى إلى فرض أسعار مشطة على المستهلك مشددا على أن الإشكال يتعلق بمسالك التوزيع منذ 2012. كما اضاف ان 80% من المنتوج الفلاحي يوفره صغار الفلاحين الذين يعانون عدة مشاكل. وأشار إلى ضرورة حل مشكل عدم هيكلة الأسواق البلدية وبعث نقاط تجميع منتجات صغار الفلاحين وإيصالها للسوق المركزية وتجاوز ضعف قدرة الدولة على التحكم في قانون السوق الذي يؤدى إلى الاحتكار، مضيفا أن لجوء الدولة إلى التوريد من الخارج اللحوم والحليب والبطاطا يضرب منظومة الإنتاج الفلاحي. كما شدد في هذا الإطار على ضرورة اتّخاذ إجراءات منها إسناد مالي وفني لصغار الفلاحين وبرمجة عمليات إنتاج المواد الأساسية وتدعيم وتأطير عمليات تصدير المنتوج الفلاحي وتشبيب الاستثمار الفلاحي وتسهيل بلوغ إنتاجهم لسوق الجملة. وشدد سعد الله على ضرورة بعث مشروع مرصد وطني للأسعار تقدمت به المنظمة منذ 2015، يهدف إلى رصد الأسعار في الأسواق غير المنظمة وأسواق الجملة وتمكين المواطن من الإطلاع عليها بمختلف المناطق ما يساعد على خلق أسعار مرجعية وإطارا تنافسيا نزيها.
اجتماع لوزراء الفلاحة المغاربة
الحلول والمقترحات، جاءت من قبل وزارة الفلاحة التي يبدو أن لديها مخططا أو مشروعا مستقبليا من أجل حل إشكالية الأمن الغذائي، حيث أعلن وزير الفلاحة والموارد المائية سمير الطيب أنه من المنتظر أن تجتمع دول اتحاد المغرب العربي ممثلة في وزراء الفلاحة ، أواخر شهر فيفري الجاري في تونس، لدراسة إشكالية الأمن الغذائي المغاربي، معتبرا أن هذه المبادرة ايجابية في إطار بناء المغرب العربي الكبير سواء في مجالات الفلاحة أو الصناعة أو غيرها من المجالات. كما بين أن التنسيق بين وزارتي الفلاحة والتجارة شبه يومي بخصوص مراقبة الأسعار والتحكم فيها وبحث الإشكاليات المتعلقة بها، للبحث عن الحلول اللازمة، مشيرا إلى أن الوزارة تهدف إلى وضع معادلة لحماية الفلاحين الصغار في ظل الأوضاع الصعبة مع توفير منتوجات فلاحية ذات جودة عالية تكون في متناول المستهلك في ظرف عادي طبيعي وشدّد وزير الفلاحة على أن الوزارة تتخذ جملة من الإجراءات لفائدة الفلاحة والبحارة للتحفيز على الاستثمار، وإجراءات لتحسين مردودية الإنتاج وتزويد السوق بصفة منتظمة مع تشجيع على الرفع من جودة المنتوج.
في المقابل، اعتبر ممثلو المنظمات المهنية ومن بينهم الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية أنه لا يمكن أن تتدخل الدولة في التحكم في الأسعار وفي التحكم بوضعية عدة قطاعات. واعتبر رئيس منظمة الأعراف سمير ماجول أن هناك عدة قطاعات تعيش وضعية صعبة جدا بسبب رغبة الدولة في التحكم في الأسعار، مشيرا إلى أنه لا توجد قطاعات تتحكم فيها مؤسسات.
بقلم هيثم الزقلي