هل تمثل شبكات التواصل الإجتماعي إنجازا إنسانيا مثمرا أم هي فضاءات محملة بمخاطر شتّى؟
سؤال أصبح ملحا في ظل ما يحدث على هذه الشبكات النشيطة جدا والتي فتحت أفقا واسعا ومنفلتا للتواصل بين الأفراد والجماعات.
المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية سيفتح أبواب النقاش حول هذه المسألة الحارقة وذلك، يوم الإربعاء 7 نوفمبر 2018 بمقر المعهد، بمشاركة العديد من كبار الأخصائيين وخبراء الإتصال والجريمة السيبرنية، وأساتذة علم الإجتماع وعلم النفس والناشطين في هذا المجال.
لا شك أن شبكات التواصل الإجتماعي قد يسرت التواصل السريع بين الناس، وحطمت الحواجز والأسوار، و قلصت المسافات بل ألغتها وأزالت الحدود ، وكرست مفهوم ” العولمة ” في أدق جزئياته وأهم مقاصده وأهدافه ، لكنها تحولت أيضا إلى فضاءات لنشر الأكاذيب، وفبركة الصور والمشاهد السمعية والمرئية ، وترويج المغالطات، وانتاج المعلومات المضادة للحقيقة، والتزوير، وهتك أعراض الناس والتجسس على خصوصياتهم، و مصادرة عقول الناشئة، وغسل الأموال وتشكيل المجموعات الإرهابية وتمويلها، ونشر الفكر المتطرف واستقطاب الشباب لتجنيدهم وتحويلهم إلى جهاديين وقنابل موقوتة وأحزمة ناسفة، والإطاحة بهيبة الدولة ومؤسساتها والإساءة لرموزها، وترويع الأطفال والزج بهم في متاهات خطيرة تؤدي إلى الإنتحار.
كما تفيد تقارير المراكز العالمية المختصة أن الدول والحكومات توظف شبكات التواصل الإجتماعي في تنشيط أعمالها الإستخباراتية واختراق المنظومات السرية للبلدان الأخرى، والتأثير في مساراتها وانتخاباتها، والسطو على إبتكاراتها والتعدي على الملكية الفكرية لإنتاجاتها الخصوصية، وقد تسبب هذا “التوظيف الرسمي” الخطير في أزمات حادة بين بعض الدول، كما غذى التناحر والقتال في العديد من بؤر التوتر، وساهم في إثارة الفوضى في دول مختلفة.
سعت بعض الدول ذات الديمقراطيات العريقة والمتجذرة إلى سن تشريعات وقوانين لمواجهة كل هذه المخاطر، والتصدي الحازم لجميع أنواع الإنتهاكات والإختراقات والحد من تدفق المعلومات المزورة والأكاذيب، ومحاربة الإرهاب وطرق نشر أفكاره وتمويل خلاياه وعمليات الإستقطاب والتغرير. لكن ماذا فعلت تونس في هذا المجال؟! لا شيء على الإطلاق، لأسباب عديدة، منها عدم الوعي بخطورة هذه المسائل، ومحاولات ربطها بالحريات وحقوق الإنسان، وإنعدام الآليات الضرورية للتحرك الإيجابي الفاعل.