ثقافة

قابس تستعد لانطلاق الدورة السادسة من المهرجان الدولي للسينما البيئية.

Spread the love

في مشهد فني وإنساني يجمع بين جمال الصورة وصرخة الأرض، تستعد مدينة قابس التونسية لاحتضان الدورة السادسة من المهرجان الدولي للسينما البيئية، وذلك من 31 ماي إلى 3 جوان المقبل، وسط مشاركة دولية واسعة وبدعوة خاصة للأردن كضيف شرف هذه الدورة.

وتولى كل من مدير المهرجان فؤاد كريم والرئيسة الشرفية له الممثلة وحيدة الدريدي في ندوة صحفية عقدت مؤخرا تقديم سياق بعث المهرجان منذ تأسيسه سنة 2014، اذ اخذ على عاتقه مهمة سامية تتجاوز حدود الفن، لتلامس جوهر معاناة قابس، المدينة الساحلية التي تخنقها الغازات السامة والملوثات الكيميائية منذ أكثر من نصف قرن.

وأكد فؤاد كريم، مدير المهرجان أن هذه التظاهرة لم تعد مجرد عرض سينمائي، بل أصبحت موعدًا دوليًا سنويًا يحظى بمكانة خاصة في خريطة المهرجانات العالمية لما تحمله من رسائل عميقة حول البيئة والمناخ والعدالة البيئية.ومن هذا الواقع المؤلم، وُلدت فكرة استخدام السينما كوسيلة للمقاومة والوعي، وجعل من هذا الحدث منصة دولية للتعبير عن أزمات البيئة والتنوع البيولوجي، ومحاولة رسم ملامح حلول عبر عدسة المخرج.

وعبرت الفنانة وحيدة الدريديي عن فخرها بما حققته هذه التظاهرة من إشعاع دولي. وقالت بحماس إن المهرجان أصبح يحمل بعداً عالمياً بفضل تنوع المشاركات وجودة البرمجة، مشيرة إلى أن فريق العمل استثمر علاقاته الفنية من أجل توسيع دائرة التأثير والانتشار. وأضافت: “اليوم نلمس نتائج هذا الجهد المشترك، الذي جعل من المهرجان موعداً فنياً مرموقاً على الساحة الدولية.”

وقد تم اختيار 17 فيلمًا من بين 59 ترشحوا للمسابقة الرسمية، تمثل 14 دولة من العالم العربي وأوروبا وآسيا، منها 3 أفلام تونسية. وسيكون فيلم “ترويدة” للمخرجة الأردنية منى أبو سمرا، الذي يروي معاناة باحثة جيولوجية عالقة في الصحراء بعد كارثة مناخية، فيلم الافتتاح الذي يعطي إشارة الانطلاق لدورة يُنتظر أن تكون مفعمة بالتأمل والإبداع.

لجنة تحكيم هذه الدورة يترأسها الفنان التونسي خالد بوزيد، وتضم وجوها بارزة من العالم العربي وأوروبا، من بينها الفنانة الأردنية عبير عيسى والمخرج الفرنسي برنار دورو. كما يتخلل المهرجان ورشات لصناعة العرائس، عروض ميدانية بشوارع قابس، وتكريمات لفنانين تركوا بصمتهم على المشهد الثقافي والبيئي، من ضمنهم صالح الجدي وهيلين كاتزاراس.

المهرجان لا يكتفي بعرض الأفلام، بل يفتح نوافذ للنقاش والحوار حول أخطر ملفات البيئة، وأهمها التلوث الصناعي الذي ما زال يُثقل كاهل قابس. مادة “الفسفوجبس”، الناتجة عن معالجة الفوسفات، لا تزال تُلقى في البحر دون معالجة، في تحدٍ صارخ للمعايير البيئية.

من خلال هذا المهرجان، ترفع قابس صوتها للعالم: السينما ليست ترفًا، بل أداة مقاومة، وعي، وتغيير. وبين الجماليات الفنية وصرخات الكوكب الجريح، يبقى أمل قابس معلقًا بكاميرا تنقل الحقيقة وتُوقظ الضمائر.


Spread the love

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *