وهو يستعد للقائه الرابع بجمهور قرطاج مساء السبت 29 جويلية ذكر الفنان السوري ناصيف زيتون خلال الندوة الصحفية التي جمعته قبل يوم بممثلي وسائل الإعلام الوطنية والعربية أن هذا الجمهور هو من منجه “باسبور” النجاح، ورغم هذا النجاح الذي اكتسح كل رقعة في المشهد الفني العربي يعترف الفنان السوري بعد أربع سنوات من اللقاء الأخير: “كبر التحدي وازداد الخوف”…
ساعات قبل انطلاق العرض، طقس شديد الحرارة وأبواب فتحت قبل الساعة السابعة لاستقبال جمهور حجز أماكنه منذ أسبوعين وأكثر واتجه إلى المسرح الروماني حوالي الخامسة عصرا، حركة غير عادية تنبؤ بليلة من ليالي قرطاج الساحرة… حلّت الساعة الثامنة مساء ولم تتبق على المدارج وأطرافها مساحة شاغرة للوقوف، ساعتان اضافيتان من الانتظار تحمّلهما بكل حب وصبر يغنّي أحيانا ويدردش أحيانا ويوثّق اللحظة بصورة فردية أو جماعية أحيانا أخرى… إنه مهرجان قرطاج يلد اللحظة ولا يكرّرها.
حالمًا بالكاد تلامس قدماه أرضية المسرح أطلّ ناصيف زيتون على جمهور الدورة السابعة والخمسين لمهرجان قرطاج في موعد جديد أشبه بلقاء الأحبة (أو هو كذلك فعلا)، بعد حفله الأخير في 2019 كبر السوري ابن درعا أربعة أعوام وأغنيات، لم يعد ذلك الفتى الخجول الخائف من مواجهة جمهور أجمع كلّ من غنّى أمامه على رفعة ذوقه ورهافة حسّه، لقد وجد كلاهما ـ ناصيف والجمهورـ لغة مشتركة للتواصل والتكامل تشكّلت مفرداتها في مساحة ساحرة آسرة ومدهشة هي المسرح الروماني العظيم، فالأول اجتهد لتطوير مدوّنته وتنويعها والثاني تابع كلّ ألبوماته وحفظ أغانيه وحضر بكثافة ليسانده في هذا الاختبار الفني الرابع الذي يخوضه في مهرجان قرطاج الدولي.
ناصيف زيتون خريج ستار أكاديمي 2009 يثبت من خلال هذا الصرح التاريخي أنه لم يكن فقاعة هوائية ولا ظاهرة صوتية وإنما فنان يتقن مختلف أساليب الغناء فهو سليل الميجنا والعتابا والقدود والتواشيح، نهل منها وامتلأ بها لذلك لا يتغيّر صوته سواء سمعناه على إحدى المحامل أو مباشرة على الركح قويا صافيا دافئا وسواء غنّى بالفصحى أو العاميّة…
ساعتان ونصف غنّى خلالها ناصيف أكثر من عشرين أغنية متجاوزا المدّة المحددة للحفل وفاء لهذا الجمهور المدهش الذي تقاسم معه كلّ فقرات العرض منذ صعوده على الركح ب “كاراميلا” و”حب جنون” و”مانّو شرط” و”مش عم تظبط معي” و”أزمة ثقة” و”عندي قناعة” و”ما ودّعتك” وغيرها من الأغاني قديمة وأخرى حديثة الصدور حفضها الجمهور ورددها بمختلف إيقاعاتها بمجرّد أن تعزف الفرقة الموسيقية المتكونة من أربعة عشر عازفا مطلعها… ولم يكن الجمهور هو الوحيد الذي غنّى مع ناصيف بل رافقه في أغنية “موجوع” شاب تونسي من ذوي الاحتياجات الخاصة اتصل به قبل يوم وطلب منه تحقيق أمنيته بالغناء معه فلم يتردد الفنان في تلبية النداء وقد كشف الشاب التونسي عن عذوبة صوته وتمتعه بأذن موسيقية قادرة على ضبط المقامات.
كان الفنان السوري نجم سهرة السبت 29 جويلية منبهرا بهذا الحضور وذكر أنّه أعدّ كلاما كثيرا نسيه بمجرّد وقوفه على الركح لأن فرحته أكبر من الكلمات… ويبدو أن تلك الفرحة أفقدته الإحساس بالزمن (زمن العرض) فتجاوزه مضيفا لبرنامجه أغان أخرى غير مدرجة منها “باكتب اسمك يا بلادي” التي ختم بها حفله الفني الرابع على ركح قرطاج العريق في أجواء من الحماس والتفاعل.
قبل يوم من هذا الحفل ذكر ناصيف زيتون خلال الندوة الصحفية أن أول صعود له على ركح قرطاج ليس كبعده معترفا أن مسيرته شهدت منعرجا بعدما منحه الجمهور التونسي جواز النجاح بعد صائفة 2019… ويبدو أن صائفة 2023 وتحديدا مساء السبت 29 جويلية ستُكتب صفحة أخرى من نجاحات هذا الفنان الشاب.