في اطار سلسلة عروضها اليومية قدمت الدورة العاشرة لمهرجان المسرح العربي التي تدور فعالياتها في تونس من 10 الى 16 جانفي الجاري المسرحية الإماراتية غصة عبور مساء اليوم الإثنين بفضاء المسرح البلدي بالعاصمة و العمل من اخراج محمد العامري و تأليف تغريد الداود.
و جمعت المسرحية ثلة من أهم الممثلين على الساحة المسرحية الإماراتية إبراهيم سالم وعبد الله مسعود وحميد سمبيجو ورائد الدلاتي وبدور وأحمد أبو عراده.
جسر خاوِ يكاد يهوى، تتسارع الخطوات من حوله في محاولة للعبور الى الضفة الأخرى علها تجد طريق الأمان ، يحاول الحارس أن يمنع الناس من التجمع فوق الجسر خوفا من انهياره، فهو الجسر الوحيد الذي يربط بين الضفتين علق فوقه أشخاص و لكل من أولئك العالقين حكاية مأساوية تجعله عاجزاً عن العبور إلى الناحية التي يتجه إليها، عيون دامعة و قلوب شاردة و مشاعر تتأرجح بين الفرح و الحزن بين الأمل في تجاوز المأساة و الألم من واقع مرير.
جسر “غصة عبور ” هو صورة مصغرة عن جسر الحياة و انكساراتها، يتواصل التدافع على الجسر شاب يندفع فجأة على الجسر محاولا العبور ثم يقف عاجزا غير قادر على مواصلة مشواره هرب من جحيم القتل و الدمار ليجد نفسه في مواجهة النار فبقي معلقا على الجسر، الكل يريد العبور و الكل عاجز عن العبور تحيط بهم المخاطر من كل جهة حرب و نار و دمار و الجسر لن يصمد طويلا، الكل يحاول النجاة و الهروب من وضعه .
تحاول امرأة حامل الإنتحار هربا من زوجها الإرهابي، رجل مسن قادم من غربة دمرته يحاول العبور الى ارضه و الى وطن يناديه و يحن اليه لكنه يقف عاجزا فلا الوطن احتضنه و لا الأهل انتظره شاب يحمل جنسية اجنبية يحاول العودة الى وطن سُجن و عُذب و قُمع فيه لكنه وطنه الأصلي عاد اليه بعد زمن ليجد نظام الإستبداد مازال قائما يمنعه من مواصلة المشوار الى ارضه فيبقى معلقا على ذاك الجسر غير قادر على مواصلة الحلم .
لكل مأساته لكن ما يجمعهم جسر واحد بدأ يتهاوى للسقوط و ما من حلول سوى ما سيقترحه عليهم الحارس فهو الوحيد في مكان قوة في حين يظهر الجميع ضعفاء يستغل الحارس ذلك فيدفع لأحد الشبان مالًا ويزوده بسلاح حتى يعود إلى مكان الحرب اين سيجد الجحيم ثم يحاول اغراء المرأة بالذهاب إلى مدينته اين ستجني المال الوفير و فرصا جديدة في الحياة، يعود الشاب و ينه حياة الحارس بطلقة نار ليظهر مكانه رجل آخر يستغل ضعفهم فوق ذاك الجسر الذي أوشك على النهاية.
نجح عرض غصة عبور في إيصال حالة الفوضى و الضيق و المأساة التي تعيشها الشخصيات لتعكس وضع سياسي و اجتماعي عربي متأزم استطاع المخرج ان يقدمه في صورة درامية و جمع بين أربع شخوص لكل حكايتها و مأساتها اعتمد في ذلك على ديكور متناسق و حوار منسجم و اُسلوب سردي متوازن الى جانب السينوغرافيا التي كانت موظفة بشكل جيد ، كما ساهمت المؤثرات الصوتية و الإضاءة في اضفاء أجواء الخوف و الألم والقلق و مرارة الإنتظار فوق الجسر، و إحاطة المشاهد بصورة مظلمة زادت الأجواء قتامة.
وتنافس مسرحية “غصة عبور” الإماراتية للمخرج محمد العامري، على جائزة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي لأفضل عمل مسرحي لعام 2018 مع عدد من العروض العربية الأخرى من بينها 3 مسرحيات تونسية، هي “الرهوط أو تمارين في المواطنة” و”الشمع”و “فريدم هاوس” و”الجلسة” من مصر و “تشابك” من السعودية، و”رائحة حرب” من العراق ” و”شواهد ليل” من الأردن و”صولو ” من المغرب و”حضرة حرة” عرض سوري ألماني و”في قلب بغداد” وهو عرض عراقي سويدي.