افتتحت إذن الدورة العاشرة من مهرجان المسرح العربي ليلة الاربعاء 10 جانفي والتي تتواصل إلى غاية 16 جانفي .
وبعد التكريمات واستقبال لجنة التحكيم والوصلة الغنائية تم عرض مسرحية “الخوف” للثنائي الفاضل الجعايبي وجليلة بكار على ركح المسرح البلدي بالعاصمة.
ونحن نعيش مزيدا من الاضطرابات والاحتجاجات الشعبية حول ميزانية الدولة لسنة 2018 تبدو مسرحية “الخوف” مطابقة تماما لما نعيشه، فالخوف يبدو مسيطرا على العقول والقلوب وهو لا يؤدي إلا إلى مزيد من انسداد مستمر لأفق الأمل.
الترسانة التي عوّل عليها الجعايبي لإيصالنا لمرحلة الخوف هي فاطمة بن سعيدان، رمزي عزيّز، نعمان حمدة، لبنى مليكة، أيمن الماجري، نسرين المولهي، أحمد طه حمروني، معين مومني ومروى المنّاعي.
أما رحلة الخوف هذه فقد بدأت من عاصفة رملية هوجاء في عمق الصحراء غزت البلاد ودفنت العباد، لنكتشف على الركح مخيّم كشّافة ينجو بأعجوبة من الهلاك فيحتمون بأطلال حطام مستشفى مهجور فارّين من خطر الموت إما عطشا أو جوعا أو يدفنون أحياء بين كثبان الرمال.
في المسرحية، غوص في أغوار الذات الانسانية حين توضع في متاهة الفراغ ووجها لوجه مع الموت التدريجي حينها تتصارع الذات مع نفسها وتناصب العداء للآخر فالوجود يبقى للأقوى ويسيطر منطق الغاب.
و”الخوف” قدّمت هدية للمتلقي، حسب ما صرح الممثل نعمان حمدة في الندوة الصحفية التي خصصت للعمل، “بإعادة النظر في مرآة الذات من زاوية أخرى، إذ في المسرحية اشتغال على حالة استنفار قصوى تفرض على الشخص أو الشخصية سواء فيخرج، مع ظهور عوامل محرّضة كالجوع وفقدان الأمل والتجرد من الضوابط الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ذلك الوحش الكامن فينا”.
وفي حالة دفع الشخصيات نحو حالة قصوى من غلق المنافذ والدوران في حلقة مفرغة تستيقظ فيهم شياطينهم الدّفينة فتحملهم قسرا إلى طور الوحشيّة فيتفشّى فيهم منطق التّسلّط وتنقلب كل الأمور وتنحدر كل الشخصيات فتفقد طاقتها لتدرج نحو اللاشيء.
أصبح الجعايبي بعد مسيرة طويلة مع الركح يتنبئ ونبؤاته إلى حدّ الآن تجلّت حقيقة أمام أعيننا ولا فائدة من ذكر أمثلة إذ منذ “خمسون” وحتى في “جنون” طرح انفصام الشخصية الذي هو بداهةً انفصام في المجتمع والدولة أما هذه المرة فقد تطورت النظرة بما أن عمل “الخوف” بحث في أغوار المجتمع ورصد للواقع بكل تفصيلاته وهذا الواقع يبدو مظلما إلى إشعار آخر.