افتُتِحت صباح الخميس 27 نوفمبر 2025 بالعاصمة أشغال الندوة الدولية حول “مصالح التشغيل العمومية كجهات فاعلة في تعزيز الديناميكية الإقليمية المشتركة بإفريقيا”، التي تنظّمها الوكالة الوطنية للتشغيل والعمل المستقل بالتعاون مع المركز التونسي الألماني للهجرة والتنمية والوكالة الألمانية للتعاون الدولي. وتُعقد الندوة على مدى يومين بمشاركة ممثلي هياكل التشغيل العمومية بعدد من الدول الصديقة والشقيقة.
تعزيز شبكة تعاون إفريقية متماسكة
وتهدف هذه الندوة إلى تأسيس شبكة تعاون إفريقية قوية ومستدامة، تُسهِم في تبادل الخبرات وأفضل الممارسات بين المؤسسات المعنية بالتشغيل والتكوين، إلى جانب صياغة خطط عمل عملية وقابلة للتنفيذ. كما تسعى المبادرة إلى دعم التنقل المهني داخل القارة وتطوير الكفاءات وإرساء شراكات جديدة تمكّن من تحسين خدمات التشغيل وتطوير الفرص الاقتصادية.
التعاون التونسي–الألماني نموذج يحتذى
وفي كلمته الافتتاحية، ثمّن وزير التشغيل والتكوين المهني، السيد رياض شوّد، مستوى التعاون القائم بين تونس وألمانيا في مجالات التدريب المهني والتشغيل، مؤكّدًا الدور الحيوي الذي تلعبه البرامج المشتركة في تأهيل الشباب وتعزيز إدماجهم الاقتصادي والاجتماعي داخل البلدين.

وأشار الوزير إلى أن القارة الإفريقية، بما تمتلكه من طاقات شبابية واسعة، قادرة على تحقيق طفرة تنموية حقيقية من خلال تعزيز التعاون بين دولها، معتبرًا أن التعاون جنوب–جنوب في مجال هجرة اليد العاملة يمثل رافعة اقتصادية مهمة تُسهم في دعم الإنتاجية وتطوير المؤسسات ورفع تنافسيتها.
رؤية تونسية لدعم القدرات والمهارات
وأوضح الوزير أن وزارة التشغيل تلعب دورًا محوريًا في ترسيخ التعاون المؤسساتي في مجالات التشغيل والتكوين والتنقل المهني، وذلك عبر تبادل الخبرات وتطوير قدرات الشباب وتمكينهم من الفرص الملائمة في سوق الشغل.
وفي ختام مداخلته، دعا السيد شوّد إلى صياغة توصيات واقعية تُبنى على مقاربة تشاركية تجمع هياكل التشغيل العمومية والشركاء التقنيين والماليين والقطاعين العام والخاص، مؤكّدًا ضرورة تحويل مخرجات الندوة إلى مخطط عمل فعلي يمكن أن يشكّل نموذجًا يحتذى على المستوى الدولي.
إشادات دولية ومداخلات نوعية
من جانبها، أعربت مديرة التعاون الدولي بالسفارة الألمانية عن تقديرها لمستوى التعاون القائم مع تونس في مجال التشغيل والتكوين، مؤكدة استعداد ألمانيا لمواصلة دعم المشاريع المشتركة.

كما أبرز المدير العام للوكالة الوطنية للتشغيل والعمل المستقل، السيد حاتم دحمان، أهمية دور مصالح التشغيل العمومية في بناء شراكات إفريقية قوية، وخاصة في ميدان الحركية المهنية الذي يشكّل رافعة أساسية للتنمية.
نتائج دراسة حديثة ونقاشات معمّقة
وتضمّنت فعاليات اليوم الأول عرض نتائج دراسة ميدانية أنجزها المركز التونسي الألماني للهجرة والتنمية حول “مصالح التشغيل العمومية كجهات فاعلة في تعزيز الديناميكية الإقليمية المشتركة”، حيث رصدت الدراسة واقع التنقل المهني داخل القارة وحدّدت فرص التعاون الواعدة في هذا المجال.وتتواصلت اعمال الندوة عبر حلقات نقاش تركّز على دور الخدمات العمومية للتشغيل في تطوير الشراكات الإقليمية، مع تقديم قصص نجاح وتجارب مميزة من دول مختلفة.
وفي ما يلي اليكم اهم توصيات طويلة المدى وقصيرة المدى لتعزيز الاستدامة وتوسيع دائرة التأثير:
أكدت الوثيقة على أهمية توطيد شبكة الهياكل العمومية للتشغيل في أفريقيا وضمان استدامة تدخلاتها من خلال إحداث آلية مؤسساتية مشتركة، مدعمة ببروتوكولات لتجميع وتبادل أفضل الممارسات. ومن شأن هذه الآلية أن تشكل في المستقبل مرجعاً قارياً لتوحيد معايير الكفاءات، ودعم التنقل المهني، وتطوير خدمات مبتكرة لفائدة الشباب وأصحاب المؤسسات.
كما شددت التوصيات على ضرورة توسيع الشراكة لتشمل دولاً أفريقية إضافية بهدف إسناد المبادرة وتعزيز إشعاعها continental. ويساهم هذا التوسع في بناء أسواق شغل أكثر تكاملاً، ودعم نشأة منظومة قارية منسقة حول قضايا التشغيل والتكوين.
وفي السياق ذاته، اعتُبرت تعبئة الشركاء الفنيين والماليين عنصراً محورياً لضمان نجاح المشاريع الهيكلية. ومن بين هذه الجهات: الاتحاد الأفريقي، البنك الأفريقي للتنمية، البنك الدولي، الاتحاد الأوروبي، منظمة الهجرة الدولية، منظمة العمل الدولية، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إلى جانب مؤسسات داعمة مثل GIZ وAFD وExpertise France وENABEL وغيرها. ويساهم هذا التنوع في توفير الخبرة التقنية والتمويل اللازمين لنقل المهارات وضمان ديمومة المنظومة.
وأشارت التوصيات إلى أنّ التنسيق الجماعي بين مختلف هذه الأطراف سيضمن تنفيذ المشاريع بفعالية، مع تحقيق تأثير قاري متناغم مع أهداف أجندتي الأمم المتحدة 2030 والاتحاد الأفريقي 2063.

